كان الكثير من الحزن و بعض الغضب يتساقط من عيناه و هو يتسأل في نفسه ، “ كيف يحدث هذا في هذه الارض المباركة المقدسة؟! و لماذا؟؟ “ ولمح رفيقه تساقط الحزن و الحيرة و الغضب الذي لون عينيه باللون الأحمر، ذلك اللون الذي لونت به الطرقات بعد أنتهاء المجزرة الوحشية. فقال له رفيقه و هو يحاول ان يهدئ من روعه: “لا عليك يا رفيقي، غداً ستعتاد علي هذه المناظر”
قال له و عيناه تلمع فيها دموع غاضبة ثائرة تريد أن تقفز من مكانها : “ أعتاد رؤية هذه المناظر؟؟ أتسمي هذه مناظر؟؟؟ هذه جرائم وحشية لا ترتكب مثلها حتي الحيوانات في الغابة، أنها جرائم شيطانية!!، لا ، بل أن الشياطيين لتترفع عن ارتكاب مثل هذه الجرائم التي اُرتكبت!!! يالا العار، و يالا المصيبة؟؟”
رد عليه رفيقه و في صوته شيئاً من الثورة “ عن أي عارٌ تتحدث؟؟ و ما دخل الشياطيين و حيوانات الغابة فيما نتحدث فيه؟.....أننا هنا نكتب تاريخ و نصنع حضارة ” قاطعه و هو يقول : “تاريخ؟!! حضارة؟!!! لقد أبيدت القرية كلها......لقد أبدناها كلها ، فلم يبقي لهم ذكري لتحمل تاريخاً و لا روحاً كي تبني حضارة.”
أبتسم الرفيق أبتسامة شيطانية و هو يقول “ يا عزيزي، دعك من هذه الأدبيات و الرومانسيات، نحن نكتب تاريخنا نحن فقط و نصنع حضارتنا نحن فقط.” رد عليه و قد سالت الدموع من عيناه فاختلط بالكلمات التي يقولها : “ و لكن نكتب تاريخنا بدماء الأبرياء الذين قتلناهم هنا و ليس بحبر كما يُكتب التاريخ ، و سنبني حضارتنا بعظام هؤلاء الذين قتلناهم!!!..... تباً لنا و تباً لتاريخنا و لحضارتنا التي سنصنعها”
تنهد رفيقه و قال “ ليس الأمر هكذا يا رفيقي، ان التاريخ يكتب بالدم و العرق، دم الذين قتلناهم و عرقنا الذي بذلناه و نحن نقتلهم، و اما الحضارة فنصنعها نحن القتلة و لا ننكر مساعدة القتلي لنا ، فقتلهم كان ولادةً لحضارتنا و عظام رفاتهم ستكون مادة بناء لدولتنا”
أشاح الرجل بوجهه عنه و اسرع يهرب من هذا الرفيق المجنون ، و لم يكن لديه أدني شك من أن الشيطان ذات نفسه قد هرب من حديث الرجل اللانساني.
No comments:
Post a Comment